-->

Header Ads

تربية الصغار

#الآداب والأخلاق الإسلامية . .
#من أقوال أهل العلم في تربية الأولاد

فلقد اهتم علماءُ الإسلام بتربية الأولاد اهتماماً كبيراً، ومن أحسن من كتب في ذلك الإمام ابن القيم، وكذلك ابن خلدون في مقدمته المشهورة.
#قول الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى :
يقول الإمام ابن القيم- رحمهُ الله تعالى- :
( من أهملَ تعليم ولده ما ينفعه ، وتركه سُد ى ، فقد أساءَ إليه غاية الإساءة ، وأكثرُ الأولاد إنما جاءهم الفساد من قبل الآباء وإهمالهم ، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه ، فأضاعوهم صغاراً فلم ينتفعوا بأنفسهم ، ولم ينفعوا آباءهم كباراً ، كما عاتب بعضهم ولدهُ على العقوق فقال: يا أبت إنك عققتني صغيراً فعققتك كبيراً، وأضعتني صغيراً فأضعتك شيخاً) .
إلى أن قال :( ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج ،الاعتناء بأمرِ خُلقه ، فإنَّهُ ينشأُ على ما عوّده المربي في صغره، من غضبٍ ولجا جٍ وعجلة، وخفةٍ وطيش، وحدةٍ وجشع ، فيصعبُ عليه في كبرهِ تلافي ذلك ، وتصيرُ هذه الأخلاق صفات وهيئات راسخة ، فلو تحرز منها غايةَ التحرز فضحته يوماً ما، ولهذا تجدُ أكثر الناس منحرفةً أخلاقهم ، وذلك بسبب التربية التي نشأ عليها .
ولذلك يجبُ أن يجنب الصبي إذا عقل مجالس اللهو والباطل، والغناءِ وسماع الفحش، والبدع ومنطق السوء ، فإنَّهُ إذا علق بسمعه عسُر عليه مفارقته في الكبر ، وعزَّ على وليهِ استنقاذه منه ،
فتغييرُ العوائد من أصعب الأمور .
وينبغي لوليهِ أن يجنبه الأخذ من غيرهِ غاية التجنب، فإنَّهُ متى اعتاد الأخذ صار له طبيعة ، ونشأ بأنَّ يأخذ لا بأن يعطى . ويجنبه الكذب والخيانة أعظم مما يجنبهُ السمَّ الناقع، فإنَّهُ متى سهّلَ له سبيل الكذب والخيانة،
أفسد عليه سعادة الدنيا والآخرة ، وحرمهُ كل خير. ويجنبه الكسل والبطالة، والدعة والراحة ، بل يأخذهُ بأضدادها ، ولا يريحه إلا بما يُجمُّ نفسه وبدنه للشغل ، فان للكسل والبطالة عواقب سواءٍ، ومغبة ندمٍ ، وللجد والتعب عواقب حميدة ، إما في الدنيا وإما في العقبى ، وإما فيهما ، فأرواح الناس أتعبُ الناس ، وأتعب الناس أرواحُ الناس ، فالسعادة في الدنيا والسعادة في العقبى، لا يوصل إليها إلا على جسرٍ من التعب ،
قال يحيى بن أبي كثير: ( لا ينال العلم براحة الجسم ) .
ويعودهُ الانتباه آخر الليل ، فإنَّهُ وقت قسم الغنائم،
وتفريق الجوائز ، فمستقلٌ ومستكثر ومحروم ، فمتى اعتاد ذلك صغيراً سهل عليه كبيراً .
ويجنبهُ فضول الطعام والكلام، والمنام ومخالطة الأنام، (الناس) فإنَّ الخسارةَ في هذه الفضالات ، وهي تُفوّتُ على العبد خير دنياهُ وآخر ته . ويجنبهُ مظَّان الشهوات المتعلقة بالبطن والفرج غاية التجنب ، فإنَّ تمكينهُ من أسبابها، والفسح له فيها، يفسدهُ فساداً يعزُّ عليه بعده صلاح .
والحذر كل الحذر!!من تمكينه من تناول ما يزيل عقله، من مسكرٍ وغيره ، أو عِشرة من يخشى فساده، أو كلامه له، أو الأخذ من يده، فإنَّ ذلك الهلاك كله ، ومتى سهّلَ عليه ذلك فقد سهّل عليه الدياثة، ولا يدخلُ الجنة ديوث، فما أفسد الأبناءُ مثل تفريط الآباء وإهمالهم، واستسهالهم شرر النار بين الثياب ، فكم من والدٍ حرم ولده خير الدنيا والآخرة ، وعرضهُ لهلاك الدنيا والآخرة ، وكل هذه عواقب تفريط الآباءِ في حقوق الله، وإضاعتهم لها ، وإعراضهم عما أوجب الله عليهم، من العلم النافع والعمل الصالح .
ثم قال- رحمه الله- :
( ومما ينبغي أن يُعتمد حالُ الصبي ، وما هو مستعد له من الأعمال، ومهيأ له منها، فيعلم أنَّهُ مخلوق لذلك العمل فلا يُحملهُ على غيره ، فإنَّهُ إن حمَّله على غير ما هو مستعدٌ له لم يفلح فيه ، وفاتهُ ما هو مهيأٌ له ، فإذا رآه حسن الفهم، صحيح الإدراك، جيد الحفظ واعياً ، فهذه من علامات قبولهِ وتهيؤه للعلم ، فلينقشه في لوح قلبه ما دام خالياً ، فإنَّهُ يتمكن فيه، ويستقر ويزكو معه ، وإن رآهُ بخلاف ذلك من كل وجه ، وهو مستعد للفروسية وأسبابها، من الركوب والرمي واللعب بالرمح ، وأنَّهُ لا نفاذَ لهُ في العلم ولا يخلق له ، مكَّنهُ من أسباب الفروسية والتمرن عليها ، فإنَّهُ أنفع له وللمسلمين ، وإن رآه بخلاف ذلك ، وإنه لم يخلق لذلك ، ورأى عينهُ مفتوحةً إلى صنعةٍ مباحة نافعة للناس ، فليمكنهُ منها ، هذا كلهُ بعد تعليمه له ما يحتاجُ إليه في دينه ، فإنَّ ذلك ميسرٌ على كل أحد، لتقوم حجة الله على العبد ، فإنَّ له على عباده
الحجة البالغة ،
كما له عليهم النعمة السابغة، والله أعلم )
-----------------------------------------------------------------
المرجع [*] تحفة المولود بأحكام المولود من الباب السادس عشر 

ليست هناك تعليقات